صخر
23-11-2004, 03:35 PM
في اليوم الثالث من أيام عيد الفطر المبارك أعاده الله علينا وعليكم وعلى الأمة الإسلامية باليمن والبركات كنت في أحد قصور الأفراح للمشاركة في مناسبة زواج قريب من الأقارب ..
وبينا الجميع منهمكون في أحاديثهم ولعبهم وانبساطهم لمحت أحد أبناء أخي الكريم ، وهو طفل لا يجاوز الثالثة من عمره يدخل رأسه في سياج معدني وضع لحماية أمثاله من السقوط من الشرفة التي استمتعنا بالجلوس فيها ..
أراد الطفل إخراج رأسه فلم يتمكن فبكى ، وكان والده قريباً منه فباشر بإخراج رأسه وتهدئته ، وعلى أصداء الحادث دار بيني وبين أحد الجلساء حديثا رأيت أهمية لإشراككم في محاوره لما له من صلة بفلذات أكبادنا التي تمشي على الأرض وأحبائنا ، وبشكل مبدئي قد توافقونني الرأي أن مضامينه تنم عن قصور غير عادي في وعي بعضنا ، وهي دليل على غفلة الكثيرين منا ، ولها آثار لا تخلو من الأتعاب والأوجاع والآلام ..
تحدثنا عن الآباء الذين يشترون لأولادهم الصغار سيارات ، ثم يتركون لهم فرصة الانسياح بها في الأرض بدون حسيب ولا رقيب ، فيؤذون أنفسهم والآخرين بسبب تصرفاتهم الجهولة من سرعة جنونية ، إلى تفحيط مزعج ، إلى دوران في الشوارع بلا هدف ، إلى غير ذلك من التصرفات غير المنضبطة بضابط العقل والحكمة ، لتكون النتيجة أحيانا موت مفند للإنسان أو من معه ، أو الإصابة بجروح وكسور ورضوض وعاهات قد تكون كفيلة بتغيير مجرى حياة الشاب والأسرة ، أو تكبد خسائر معنوية ومادية لا يقدرها إلا الله تعالى وتنوء الكثير من الكواهل بحملها ، ويكفي أن نعلم أن ثلث الأسرة بالمستشفيات في المملكة محجوزة لمن أصيبوا في الحوادث المرورية ، بينما يتراوح عدد القتلى بسببها كل سنة حوالي 4000 إنسان ..
هناك من يعدون مسابح في منازلهم ثم يتركونها للعب الأطفال الصغار من أولادهم وأولاد جيرانهم وأصدقائهم وضيوفهم ممن لا يجيدون السباحة وبدون إشراف من ما هرين بها ، فيمنى البعض منهم بالموت غرقا أو المشارفة على الهلاك ، لتكون ردة الفعل النادم ردم هذه المسابح ، بينما كان في استخدام بعض الضوابط الرقابية غنية عن ذلك ..
البعض يخرج في نزهة برية أو بحرية فيترك أولاده بنين وبنات يمارسون رغباتهم التي لا تنتهي في اللعب وتجريب كل جديد بصرف النظر عن الأخطار الناجمة عنه وبدون حساب لها ، ومن ذلك السقوط في بحر ، أو بحيرة ، أو غدير ، أو بئر ، أو ضياع في الصحراء عطشا ، أو تيها ، أو السقوط من أعالي الجبال والمرتفعات الشاهقة ، أو في بطون الأودية ..
هذه شابة في ريعان الصبا والشباب تسقط في المطبخ مغشياً عليها ، ويحار أهلها كيف يساعدونها ، البعض ينصح بصب ماء بارد على وجهها ، وآخرون يرون أنها ستستيقظ عند وضع قليل من العطر قريباً من أنفها ، وهناك من يرى أن من المصلحة اجلاسها حتى لا تبتلع لسانها ، وآخرون يرون أن من الحكمة إنامتها على الأرض ، ثم لما بارت الحيل ولم تستيقظ الغالية من غشيتها حملوها إلى المستشفى في بطانية !! ، في وضع من مخاطره أنه كان يمكن أن يسئ إلى صحتها أكثر مما ينفعها ، حيث لا نقالة لديهم ، وليس بينهم من يدرك أهمية إمدادها بالأوكسجين ولا من يعرف الأسلوب الصحيح للتعامل مع إغماءها ، وهي مدبدبة ( ثقيلة الوزن ) ، ويحرص الأهل على عدم تكشف جسدها صيانة لعفافها ..
أحدهم يترك لأولاده فرصة الالتحاق ببعض النوادي الرياضية التي تعلم فنون السباحة أو الرماية أو ركوب الخيل أو التزلج أو ما شابه ، دون أن يتحقق من توافر هذه الأندية على متخصصين في مجال الرقابة والإنقاذ يمكنهم المساعدة عند حصول مكروه لا قدر الله ..
وذاك يترك فتحة خزان الماء الخاص بمنزله مفتوحة ، وأثناء لعبه يسقط فيها أحد الأطفال ، أما آخر فيلتهي بالتحدث إلى زوجته بينما ولده الصغير يقف في المقعد الخلفي للسيارة ، ونتيجة لاضطرار الأب إيقاف سيارته يرتطم وجه الطفل في مؤخرة المقعد لينكسر أنفه وتتساقط أسنانه وتنشق شفته ويصاب بجراح في غير مكان من جسده الغض ..
وآخر يلتهي بالحديث إلى مجالسه في السيارة ثم بواسطة المفتاح الإلكتروني يغلق النافذة الخلفية أو نافذة السقف ، ولا يتنبه إلى اقفاله الزجاج على رقبة ابنه الصغير إلا بعد تنبيه مجالسه له ، وفي وقت كاد يذهب الطفل البري ضحية غفلة والده ..
فتاة في عز الشباب وميعة الصبا تتنزه لابسة الكعب العالي في منطقة جبلية ذات صخور وجبال ملساء ، لتكون النتيجة سقوطها من عل ، لتنزلق تبعاً لذلك في غدير ماء ، وتحت هول المصاب ، وبقوة متهالكة لدى الأب ، وبمهارة غير جيدة لفن السباحة ، ورغبة في الستر على العار يحاول الأب إنقاذ ابنته ، ثم بعدما عجز عن مساعدتها هرع إلى شباب قريبين من المكان وأعلنهم الخبر وطلب منهم المساعدة ، لكن كان الوقت متأخراً جداً ، وفارقت الفتاة الحياة ، لم ينفعها عويل الوالد ، ولا لوم الشباب ..
أم كريمة تترك طفلتها ذات الأعوام الثلاثة وحيدة في المنزل بأمل زيارة الجارة على عجل ثم الرجوع ولما تصحو الطفلة من نومها ، تركت باب المطبخ مفتوحاً وأداة الكي في مكانها المعتاد ، لتحاول الطفلة مساعدة والدتها في غيابها ، وتكون النتيجة حريقا هائلا يلتهم صبا الغالية ونظارة كل شئ ..
وهذه أم كريمة أخرى تترك الأواني الساخنة على الطاولة بالمطبخ فيمسك طفلها بمقبض أحدى هذه الأواني ، فينكفئ السائل الحار على الجسد الغض للطفل ، ويصيبه بحروق موجعة ..
وأخرى فاضلة تترك المكواة متاحة لطفلها الصغير وتلتهي بمكالمة جارتها فيضع السلك في المقبس ( الفيش ) وتحمى المكواة ، ولا تنهي الأم مكالمتها إلا كردة فعل لحريق هائل اندلع في أرجاء المنزل وجنباته ..
وهذه أخت كريمة تملأ حوض الحمام بالماء وتضع فيه طفلها الصغير ، ثم تتذكر أنها تركت الطعام على النار ، وتحتاج لتفقده ، وتفعل ، لتجد بعد عودتها أن الطفل قد غرق وفارق الحياة مأسوف على براءته ورقته ..
وعلى أشلاء جلسة أنس تجمع أفراد الأسرة حول المسبح في المنزل ، يستمتعون بالضحك وطلاوة الحديث وطيب المأكل والمشرب وجمال المنظر تنتهي حياة طفل ذو عامين في المسبح بينما كانت حركته الدءوب وكركراته الجذلى المدخلة للأنس أعماق القلوب جزء أصيل من بانوراما الفرح الأسري وجلسة الأنس ..
الطراطيع والألعاب النارية الخطرة يشتريها الكثيرون لأولادهم أو يمدونهم بالأموال اللازمة لشرائها ابتهاجاً بمقدم المناسبات الطيبة لا سيما الأعياد ورجاء إضفاء البهجة والمرح في الأوقات السعيدة ، لكنهم يسيئون استخدامها وعلى غير المتوقع تغتال أفراحهم وربما يتخطف الموت بعضهم ، أو يقعوا أسرى الأسرة البيضاء والمرض وتشوه أعضاء الجسد جراء التعرض للشظايا الحارة ..
والخناجر والسيوف والبنادق ربما يهمل البعض في حفظها ويتركها في متناول الأولاد وفي أماكن غير آمنة ، ومن باب التقليد يجرب الأولاد استخدامها فيلقون حتفهم أو يذيقون الموت غيرهم ، أو يصاب من يتعرض لنيرها لإصابات خفيفة أو بالغة ..
وغير قليلة هي حوادث سقوط الأولاد من الألعاب السريعة والعالية من مراجيح وقطارات وغيرها ، وقد بسط الموت قبل أيام رداءه المهيب في إحدى مدن الألعاب بالمنطقة الشرقية على فتاة تبلغ السادسة عشرة من العمر كما تناقلت بعض وسائل الإعلام مؤخرا عندما سقط قطار الموت الذي كان يقلها وبعض الصبايا الفاضلات ممن أصبن بجراح ، ولا يخفى ما يحدث من تزاحم وتدافع حول هذه الأماكن لا سيما في أيام العيد والإجازات ، وربما يتذكر البعض منا خوضه لغمار بعضها والخروج منها ولو بخدوش أو جروح ..
الكثيرون اعتادوا على وضع سلاسل معدنية حول أعناق بناتهم الصغيرات ، إحداهن لعب معها أخوها ذو الأعوام الخمسة وكاد أن يجهز عليها عندما أحكم السلسة حول عنقها ..
وهذه أم كريمة على الدوام تتكاسل عن مسح الماء عن أرضية منزلها بعد غسلها فينزلق بها أحد أطفالها ويصاب بكسر في اليد وجروح في أجزاء متفرقة من جسمه ..
وهذا أب كريم يدهس طفله الصغير الذي لحق به راغبا في مرافقته إلى مشواره الذي قرر القيام به بالسيارة ، لم يره لصغر حجمه وسنه ..
وآخر يترك مفاتيح السيارة على المحرك وبداخلها أطفاله ليجرب أحدهم تشغيلها فتصدم أحد المارة فترديه جريحا وسط ارتياع الطفل واخوته ودهشتهم مما قد لا تمحوه السنين ..
وهناك من تغادرن المنزل من الأخوات الكريمات وبه أطفال لا يعون دون أن تقمن بإقفال صمامات الأنابيب الغازية جيداً ، فيقوم الأطفال بإشعالها مستخدمين أعواد الثقاب المتناثرة بالمطبخ ..
وهذا طفل يلتقط عود ثقاب ، ثم يشعل النار في ورقة ، ثم يصعد إلى سطح المنزل فيضرم النار في بعض الأشياء القديمة التي احتفظت بها الأسرة من قبيل " سبحان الله ، قد تستجد الحاجة لها " ، ولولا لطف الله تعالى ثم فزعة الجيران لأتت النار على كل شئ ، فربة البيت غشيمة بأساليب الإطفاء ، ورب البيت في العمل على بعد آلاف الأمتار ..
والأدوية والمنظفات والسوائل المولدة للطاقة كالبنزين والديزل والكيروسين وزجاجات العطر يتركها بعض الناس في متناول أطفالهم الرضع وليس في أماكن آمنة ، فيخطئ بعض الأطفال ويشربون منها ويتناولون بعضها ، ليتعرضوا إلى حالات تسمم كادت أن تودي بحياة البعض منهم ، وفعلت في أحيان أخر ..
بعض الأطفال يتمكن أحياناً من العبث بالمقابس الكهربائية أو المراوح أو غيرها من الأجهزة الكهربائية الخطرة ، مما يعرضهم لصدمات كهربية بعضها مميت وأخرى ينجم عنها أضرار جسيمة للأطفال ..
والأدوات الحادة والقاطعة والنارية هي الأخرى تترك أحيانا في متناول الأطفال غير المدركين وعرضة لعبثهم فينجم عنها حوادث مروعة عندما يستخدمونها ضد بعضهم البعض مقلدين ما يشاهدون من أحداث دامية عبر التلفاز أو على أرض الواقع ..
أحدهم ترك علبة الدخان وأعواد الثقاب في غرفة نومه وزوجه ، ليجدها أحد أولاده القصر فيعبث بها مقلداً أباه وينجم عن ذلك حريق هائل كاد يودي بحياة الطفل ويأتي على كل محتويات المنزل لولا لطف الله تعالى ثم تنبه بعض الجيران إلى الأمر لينبه الأسرة ويتصل بالدفاع المدني لإخماد الحريق ..
أم كريمة تركت لأولادها الصغار فرصة قلي شرائح البطاطس التي يحبونها ، بقي الزيت على النار مدة طويلة فاشتعلت فيه النار ، وبجهلهم وقلة خبرتهم ، قام الأولاد بسكب الماء على الزيت ليزداد اشتعال النار وينجم عن ذلك حروق شديدة لهم ..
هناك أشخاص ما يزالون يستخدمون مواقد الفحم في التدفئة المنزلية ، وحرصا منهم على دفء أطفالهم يتركون المواقد بغرف مغلقة ينام فيها أطفال ، لترتفع نسبة الغاز الخانق القاتل أول أكسيد الكربون ، وربما يروح بعض الأبرياء ضحية تصرف جاهل ..
قصص ، جميعها تنبع من مشكاة واحدة هي بلا ريب : الغفلة ، وعدم أداء الأمانة ولا تحمل المسئولية كما ينبغي ، وهي بالتأكيد ثمرة قلة الوعي والنضج بأهمية الدور ..
قصص لا يحصيها إلا الله ، تختلف في التفاصيل ، لكن نتائجها واحدة : الموت ، الفجيعة ، الندامة ، اللوعة ، الألم ، الإعاقة المؤقتة ، أو المستديمة ، المرض على أقل تقدير لأناس أبرياء لا حول لهم ولا قوة ..
وحوادث كثيرة لا تعزى بعد قدرة الله تعالى إلا إلى عدم وعي بعض الآباء والأمهات والمربين بمسئولية التربية والأساليب الوقائية التي تقي أولادهم من مغبة التعرض للأخطار والإصابة بآثارها المدمرة ، مما يحتم ضرورة حفز الأهالي والأسر إلى الإشراف على أولادهم أثناء التنزه أو اللعب ، وتثقيف الجميع بسبل الإسعاف السليمة وبيان المخاطر التي قد تترتب على بعض السلوكيات ولعبهم الخطير وجرأتهم غير المحسوبة ..
وهذا في رأيي يوجب على كل منا أن يفكر في نتيجة الأمر قبل الإقدام على فعله ، كما يوجب عليه أن ينبذ الاستهانة بالأمور والأشياء ، وأن يبذل الأسباب والتوكل الحق وعدم التواكل ، كما يوجب إضفاء اللمسات الشفيفة الحانية على حياته وحياة من هم حوله حتى إذا مني بشيء من أقدار الله جل وعلا أن يكون وقع المصاب هيناً حيث لا تفريط ولا غفلة ولا تخاذل عن تحمل المسئولية ..[/SIZE]
وبينا الجميع منهمكون في أحاديثهم ولعبهم وانبساطهم لمحت أحد أبناء أخي الكريم ، وهو طفل لا يجاوز الثالثة من عمره يدخل رأسه في سياج معدني وضع لحماية أمثاله من السقوط من الشرفة التي استمتعنا بالجلوس فيها ..
أراد الطفل إخراج رأسه فلم يتمكن فبكى ، وكان والده قريباً منه فباشر بإخراج رأسه وتهدئته ، وعلى أصداء الحادث دار بيني وبين أحد الجلساء حديثا رأيت أهمية لإشراككم في محاوره لما له من صلة بفلذات أكبادنا التي تمشي على الأرض وأحبائنا ، وبشكل مبدئي قد توافقونني الرأي أن مضامينه تنم عن قصور غير عادي في وعي بعضنا ، وهي دليل على غفلة الكثيرين منا ، ولها آثار لا تخلو من الأتعاب والأوجاع والآلام ..
تحدثنا عن الآباء الذين يشترون لأولادهم الصغار سيارات ، ثم يتركون لهم فرصة الانسياح بها في الأرض بدون حسيب ولا رقيب ، فيؤذون أنفسهم والآخرين بسبب تصرفاتهم الجهولة من سرعة جنونية ، إلى تفحيط مزعج ، إلى دوران في الشوارع بلا هدف ، إلى غير ذلك من التصرفات غير المنضبطة بضابط العقل والحكمة ، لتكون النتيجة أحيانا موت مفند للإنسان أو من معه ، أو الإصابة بجروح وكسور ورضوض وعاهات قد تكون كفيلة بتغيير مجرى حياة الشاب والأسرة ، أو تكبد خسائر معنوية ومادية لا يقدرها إلا الله تعالى وتنوء الكثير من الكواهل بحملها ، ويكفي أن نعلم أن ثلث الأسرة بالمستشفيات في المملكة محجوزة لمن أصيبوا في الحوادث المرورية ، بينما يتراوح عدد القتلى بسببها كل سنة حوالي 4000 إنسان ..
هناك من يعدون مسابح في منازلهم ثم يتركونها للعب الأطفال الصغار من أولادهم وأولاد جيرانهم وأصدقائهم وضيوفهم ممن لا يجيدون السباحة وبدون إشراف من ما هرين بها ، فيمنى البعض منهم بالموت غرقا أو المشارفة على الهلاك ، لتكون ردة الفعل النادم ردم هذه المسابح ، بينما كان في استخدام بعض الضوابط الرقابية غنية عن ذلك ..
البعض يخرج في نزهة برية أو بحرية فيترك أولاده بنين وبنات يمارسون رغباتهم التي لا تنتهي في اللعب وتجريب كل جديد بصرف النظر عن الأخطار الناجمة عنه وبدون حساب لها ، ومن ذلك السقوط في بحر ، أو بحيرة ، أو غدير ، أو بئر ، أو ضياع في الصحراء عطشا ، أو تيها ، أو السقوط من أعالي الجبال والمرتفعات الشاهقة ، أو في بطون الأودية ..
هذه شابة في ريعان الصبا والشباب تسقط في المطبخ مغشياً عليها ، ويحار أهلها كيف يساعدونها ، البعض ينصح بصب ماء بارد على وجهها ، وآخرون يرون أنها ستستيقظ عند وضع قليل من العطر قريباً من أنفها ، وهناك من يرى أن من المصلحة اجلاسها حتى لا تبتلع لسانها ، وآخرون يرون أن من الحكمة إنامتها على الأرض ، ثم لما بارت الحيل ولم تستيقظ الغالية من غشيتها حملوها إلى المستشفى في بطانية !! ، في وضع من مخاطره أنه كان يمكن أن يسئ إلى صحتها أكثر مما ينفعها ، حيث لا نقالة لديهم ، وليس بينهم من يدرك أهمية إمدادها بالأوكسجين ولا من يعرف الأسلوب الصحيح للتعامل مع إغماءها ، وهي مدبدبة ( ثقيلة الوزن ) ، ويحرص الأهل على عدم تكشف جسدها صيانة لعفافها ..
أحدهم يترك لأولاده فرصة الالتحاق ببعض النوادي الرياضية التي تعلم فنون السباحة أو الرماية أو ركوب الخيل أو التزلج أو ما شابه ، دون أن يتحقق من توافر هذه الأندية على متخصصين في مجال الرقابة والإنقاذ يمكنهم المساعدة عند حصول مكروه لا قدر الله ..
وذاك يترك فتحة خزان الماء الخاص بمنزله مفتوحة ، وأثناء لعبه يسقط فيها أحد الأطفال ، أما آخر فيلتهي بالتحدث إلى زوجته بينما ولده الصغير يقف في المقعد الخلفي للسيارة ، ونتيجة لاضطرار الأب إيقاف سيارته يرتطم وجه الطفل في مؤخرة المقعد لينكسر أنفه وتتساقط أسنانه وتنشق شفته ويصاب بجراح في غير مكان من جسده الغض ..
وآخر يلتهي بالحديث إلى مجالسه في السيارة ثم بواسطة المفتاح الإلكتروني يغلق النافذة الخلفية أو نافذة السقف ، ولا يتنبه إلى اقفاله الزجاج على رقبة ابنه الصغير إلا بعد تنبيه مجالسه له ، وفي وقت كاد يذهب الطفل البري ضحية غفلة والده ..
فتاة في عز الشباب وميعة الصبا تتنزه لابسة الكعب العالي في منطقة جبلية ذات صخور وجبال ملساء ، لتكون النتيجة سقوطها من عل ، لتنزلق تبعاً لذلك في غدير ماء ، وتحت هول المصاب ، وبقوة متهالكة لدى الأب ، وبمهارة غير جيدة لفن السباحة ، ورغبة في الستر على العار يحاول الأب إنقاذ ابنته ، ثم بعدما عجز عن مساعدتها هرع إلى شباب قريبين من المكان وأعلنهم الخبر وطلب منهم المساعدة ، لكن كان الوقت متأخراً جداً ، وفارقت الفتاة الحياة ، لم ينفعها عويل الوالد ، ولا لوم الشباب ..
أم كريمة تترك طفلتها ذات الأعوام الثلاثة وحيدة في المنزل بأمل زيارة الجارة على عجل ثم الرجوع ولما تصحو الطفلة من نومها ، تركت باب المطبخ مفتوحاً وأداة الكي في مكانها المعتاد ، لتحاول الطفلة مساعدة والدتها في غيابها ، وتكون النتيجة حريقا هائلا يلتهم صبا الغالية ونظارة كل شئ ..
وهذه أم كريمة أخرى تترك الأواني الساخنة على الطاولة بالمطبخ فيمسك طفلها بمقبض أحدى هذه الأواني ، فينكفئ السائل الحار على الجسد الغض للطفل ، ويصيبه بحروق موجعة ..
وأخرى فاضلة تترك المكواة متاحة لطفلها الصغير وتلتهي بمكالمة جارتها فيضع السلك في المقبس ( الفيش ) وتحمى المكواة ، ولا تنهي الأم مكالمتها إلا كردة فعل لحريق هائل اندلع في أرجاء المنزل وجنباته ..
وهذه أخت كريمة تملأ حوض الحمام بالماء وتضع فيه طفلها الصغير ، ثم تتذكر أنها تركت الطعام على النار ، وتحتاج لتفقده ، وتفعل ، لتجد بعد عودتها أن الطفل قد غرق وفارق الحياة مأسوف على براءته ورقته ..
وعلى أشلاء جلسة أنس تجمع أفراد الأسرة حول المسبح في المنزل ، يستمتعون بالضحك وطلاوة الحديث وطيب المأكل والمشرب وجمال المنظر تنتهي حياة طفل ذو عامين في المسبح بينما كانت حركته الدءوب وكركراته الجذلى المدخلة للأنس أعماق القلوب جزء أصيل من بانوراما الفرح الأسري وجلسة الأنس ..
الطراطيع والألعاب النارية الخطرة يشتريها الكثيرون لأولادهم أو يمدونهم بالأموال اللازمة لشرائها ابتهاجاً بمقدم المناسبات الطيبة لا سيما الأعياد ورجاء إضفاء البهجة والمرح في الأوقات السعيدة ، لكنهم يسيئون استخدامها وعلى غير المتوقع تغتال أفراحهم وربما يتخطف الموت بعضهم ، أو يقعوا أسرى الأسرة البيضاء والمرض وتشوه أعضاء الجسد جراء التعرض للشظايا الحارة ..
والخناجر والسيوف والبنادق ربما يهمل البعض في حفظها ويتركها في متناول الأولاد وفي أماكن غير آمنة ، ومن باب التقليد يجرب الأولاد استخدامها فيلقون حتفهم أو يذيقون الموت غيرهم ، أو يصاب من يتعرض لنيرها لإصابات خفيفة أو بالغة ..
وغير قليلة هي حوادث سقوط الأولاد من الألعاب السريعة والعالية من مراجيح وقطارات وغيرها ، وقد بسط الموت قبل أيام رداءه المهيب في إحدى مدن الألعاب بالمنطقة الشرقية على فتاة تبلغ السادسة عشرة من العمر كما تناقلت بعض وسائل الإعلام مؤخرا عندما سقط قطار الموت الذي كان يقلها وبعض الصبايا الفاضلات ممن أصبن بجراح ، ولا يخفى ما يحدث من تزاحم وتدافع حول هذه الأماكن لا سيما في أيام العيد والإجازات ، وربما يتذكر البعض منا خوضه لغمار بعضها والخروج منها ولو بخدوش أو جروح ..
الكثيرون اعتادوا على وضع سلاسل معدنية حول أعناق بناتهم الصغيرات ، إحداهن لعب معها أخوها ذو الأعوام الخمسة وكاد أن يجهز عليها عندما أحكم السلسة حول عنقها ..
وهذه أم كريمة على الدوام تتكاسل عن مسح الماء عن أرضية منزلها بعد غسلها فينزلق بها أحد أطفالها ويصاب بكسر في اليد وجروح في أجزاء متفرقة من جسمه ..
وهذا أب كريم يدهس طفله الصغير الذي لحق به راغبا في مرافقته إلى مشواره الذي قرر القيام به بالسيارة ، لم يره لصغر حجمه وسنه ..
وآخر يترك مفاتيح السيارة على المحرك وبداخلها أطفاله ليجرب أحدهم تشغيلها فتصدم أحد المارة فترديه جريحا وسط ارتياع الطفل واخوته ودهشتهم مما قد لا تمحوه السنين ..
وهناك من تغادرن المنزل من الأخوات الكريمات وبه أطفال لا يعون دون أن تقمن بإقفال صمامات الأنابيب الغازية جيداً ، فيقوم الأطفال بإشعالها مستخدمين أعواد الثقاب المتناثرة بالمطبخ ..
وهذا طفل يلتقط عود ثقاب ، ثم يشعل النار في ورقة ، ثم يصعد إلى سطح المنزل فيضرم النار في بعض الأشياء القديمة التي احتفظت بها الأسرة من قبيل " سبحان الله ، قد تستجد الحاجة لها " ، ولولا لطف الله تعالى ثم فزعة الجيران لأتت النار على كل شئ ، فربة البيت غشيمة بأساليب الإطفاء ، ورب البيت في العمل على بعد آلاف الأمتار ..
والأدوية والمنظفات والسوائل المولدة للطاقة كالبنزين والديزل والكيروسين وزجاجات العطر يتركها بعض الناس في متناول أطفالهم الرضع وليس في أماكن آمنة ، فيخطئ بعض الأطفال ويشربون منها ويتناولون بعضها ، ليتعرضوا إلى حالات تسمم كادت أن تودي بحياة البعض منهم ، وفعلت في أحيان أخر ..
بعض الأطفال يتمكن أحياناً من العبث بالمقابس الكهربائية أو المراوح أو غيرها من الأجهزة الكهربائية الخطرة ، مما يعرضهم لصدمات كهربية بعضها مميت وأخرى ينجم عنها أضرار جسيمة للأطفال ..
والأدوات الحادة والقاطعة والنارية هي الأخرى تترك أحيانا في متناول الأطفال غير المدركين وعرضة لعبثهم فينجم عنها حوادث مروعة عندما يستخدمونها ضد بعضهم البعض مقلدين ما يشاهدون من أحداث دامية عبر التلفاز أو على أرض الواقع ..
أحدهم ترك علبة الدخان وأعواد الثقاب في غرفة نومه وزوجه ، ليجدها أحد أولاده القصر فيعبث بها مقلداً أباه وينجم عن ذلك حريق هائل كاد يودي بحياة الطفل ويأتي على كل محتويات المنزل لولا لطف الله تعالى ثم تنبه بعض الجيران إلى الأمر لينبه الأسرة ويتصل بالدفاع المدني لإخماد الحريق ..
أم كريمة تركت لأولادها الصغار فرصة قلي شرائح البطاطس التي يحبونها ، بقي الزيت على النار مدة طويلة فاشتعلت فيه النار ، وبجهلهم وقلة خبرتهم ، قام الأولاد بسكب الماء على الزيت ليزداد اشتعال النار وينجم عن ذلك حروق شديدة لهم ..
هناك أشخاص ما يزالون يستخدمون مواقد الفحم في التدفئة المنزلية ، وحرصا منهم على دفء أطفالهم يتركون المواقد بغرف مغلقة ينام فيها أطفال ، لترتفع نسبة الغاز الخانق القاتل أول أكسيد الكربون ، وربما يروح بعض الأبرياء ضحية تصرف جاهل ..
قصص ، جميعها تنبع من مشكاة واحدة هي بلا ريب : الغفلة ، وعدم أداء الأمانة ولا تحمل المسئولية كما ينبغي ، وهي بالتأكيد ثمرة قلة الوعي والنضج بأهمية الدور ..
قصص لا يحصيها إلا الله ، تختلف في التفاصيل ، لكن نتائجها واحدة : الموت ، الفجيعة ، الندامة ، اللوعة ، الألم ، الإعاقة المؤقتة ، أو المستديمة ، المرض على أقل تقدير لأناس أبرياء لا حول لهم ولا قوة ..
وحوادث كثيرة لا تعزى بعد قدرة الله تعالى إلا إلى عدم وعي بعض الآباء والأمهات والمربين بمسئولية التربية والأساليب الوقائية التي تقي أولادهم من مغبة التعرض للأخطار والإصابة بآثارها المدمرة ، مما يحتم ضرورة حفز الأهالي والأسر إلى الإشراف على أولادهم أثناء التنزه أو اللعب ، وتثقيف الجميع بسبل الإسعاف السليمة وبيان المخاطر التي قد تترتب على بعض السلوكيات ولعبهم الخطير وجرأتهم غير المحسوبة ..
وهذا في رأيي يوجب على كل منا أن يفكر في نتيجة الأمر قبل الإقدام على فعله ، كما يوجب عليه أن ينبذ الاستهانة بالأمور والأشياء ، وأن يبذل الأسباب والتوكل الحق وعدم التواكل ، كما يوجب إضفاء اللمسات الشفيفة الحانية على حياته وحياة من هم حوله حتى إذا مني بشيء من أقدار الله جل وعلا أن يكون وقع المصاب هيناً حيث لا تفريط ولا غفلة ولا تخاذل عن تحمل المسئولية ..[/SIZE]