"فول... صوت... آه"!
تفتق ذهن أعوان السيد الرئيس صباح يوم الأربعاء الماضي عن وسيلة ناجعة لاكتساب مزيداً من الأصوات!
فـ 50 جنيهاً فقط، تعد كافية جداً لشراء صوت انتخابي واحد!
أمام إحدى مراكز الاقتراع نشأ هذا الحوار بين صوتين:
- معقولة تبيع صوتك مقابل خمسين جنيه فقط؟
- بس ما تنسى أن هذه الـ 50 جنيهاً تقدر تشتري 1000 رغيف عيش، والتي بدورها تعد كافية جداً لإزهاق روح 50 طبق فول على الأقل!
***
"صوت عفاف"...!
- تشتري الصوت بكام يا بيه؟
- بـ 50 جنيه!
- أنا ببيعه بـ 100، لو عايز أنا عندي أربع أصوات!
- وأنا اشتريت، هاتي الأصوات؟!
انطلقت عفاف مسرعة إلى بيتهم، لتزف الى أمها وأخواتها بشرى أن هناك مشتري بـ 100 جنيه للصوت!
لم تتمالك الأم حجم السعادة في حضور الفقر، فانطلقت لاهثة خلف السراب، حتى جف صوتها، فلم تجد من يشتريه!
***
"عوض باع صوته يا أمي..."!
اعتادت أم عوض مواراة حزنها عن الأعين كلما تذكرت أن ابنها عوض باع أرضه منذ خمس سنوات!
مع ذلك، لم تستطع كبح جماح القهر في أوردتها يوم أن عرفت انه باع صوته أيضاً إلى الحكومة!
لم يسعها التعايش مع فقدان الكرامة، ففقدت صوتها إلى الأبد!
***
"جسد... وجنازتين"
وضع الأستاذ عزيز صوته الانتخابي في احد صناديق الاقتراع!
وفي المساء كان يحتضر!
في صباح اليوم التالي كان جسده في صندوق أكثر طولاً من صندوق الاقتراع الذي يحوي صوته!
عندما سُئل أبنائه عنه وفاته، أفادوا:
أن صوت أبوهم مات، قبل أن يفنى جسده بساعات!
***
"احتضار على المعاش... "!
بمرارة واصل الأستاذ أمين الموظف على المعاش طريقه بين صفوف الراحلين إلى مراكز الاقتراع الرئاسية، حاملاً بين أذنيه عينين كاذبتين، قائلاً في صمت:
أن تكون صوتاً... هذا يعني انك لست أكثر من بطاقة انتخابية!
أن تقول (نعم) بينما (لا) كبيرة تحتل جوارحك، هذا يعني أن ضميرك يحتضر!
***
"لا... المخيفة"!
في طريق العودة، حاول القائمون على الاقتراع إيقاظه من غفوة ظنوا انه قائم عليها...
لكنهم بعد محاولات اكتشفوا أن قلبه لم يعد يعمل، كما انه لا يتنفس!
لم يجدوا ما يكشف عن هويته بعد بحثهم الطويل عن أياً من أوراقه الثبوتية، لكنهم وجدوا في محفظته ورقة انتخابية كُتب عليها (لا) كبيرة!
قال اصدقائه: إنها كانت الـ (لا) الوحيدة التي بدت لهم مخيفة في ذلك اليوم!
***
"... لا للرياسة"!
اعتاد مرتادي قهوة (صباح) مشاهدة رضوان الأخرس قابعاً تحت أقدامهم، ماسحاً لأحذيتهم بنشاط وهمة غريبين، مستقبلاً توبيخ المقبلين منهم والمدبرين بابتسامة ملؤها الـ (نعم)!
لم يتوقع الآخرين أن يقول الأخرس (لا) في مواجهة القصر، وهو من اعتاد الـ (نعم) في مواجهة الأحذية!
كان سلوكه مثيراً لفضول أكثرهم مللاً!
- امسح الجزمة كويس يا رضوان الكلب؟
- حاضر يا سعادة البيه المأمور!
- بتحب الريس يا رضوان؟
- لا يا بيه...
- ليه يا رضوان؟
- لأنه علمني اقعد تحت جزمتك يا كلب وأقول (نعم)!
قال ذلك، فأنزاحت قدم المأمور عن وجهه، ومعها أبشع مخاوفه، ومن عينيه أبرقت (لا) وهي تحمل طمأنينة كالسحر!
***
جنون...!
قبل أن تُحدث (لا) الشهيرة انقلاباً في حياته، اعتاد أن يقول (نعم)...
كانت (نعم) بحجم أبشع مخاوفه...
كان يخشاها، فكانت تراوده!
في ذلك اليوم طرحها أرضاً، ثم أعلن فوق رؤوس الأشهاد أن لا (نعم) بعد اليوم!
فعل ذلك، ثم انطلق إلى قبر والده، يحمل بين يديه قلماً عريضاً، كتب به فوق شاهد القبر:
هنا يرقد جثمان آل (نعم)!
ثم مضى يضحك طائراً، فحسبوه مجنوناً...!
***
"أنا..."
"لا" كبيرة تحتل جوارحي!
كيف سأخرج منها، ورأسي كله "نعم"!
***
أضف موضوعاً...
ضغطة زر...
ويراني الداني عارياً!
لا...
لا لـ "نعم" بعد اليوم!
انتهى
ابن الأرض
الروابط المفضلة